الجمعة، 1 مايو 2009

"من حارة الصمت إلي قصور الكلام " أنت مدعو لتسكن معي "

بناء الثقافة يقوم بالأساس علي إستراتيجية طويلة المدى تحتاج إلي فترات متباعدة تسير هبوطا وصعودا فشلا ونجاحا إلي أن تحقق قوامها وتبدأ بالتشكل وتظهر ملامحها ، ونظرا لأن شعوبنا أخذت قرار منذ زمن بأن يكون الصمت عنوانها حتى تجاه أخطر القضايا التي تمسها ، وهو ما يدفع البعض للإعلان عن موت الجسد العربي في ظل اختياره -" العالم العربي " – لأن يسكن في هذا العنوان وهو " حارة الصمت" ونحن في مجتمعاتنا وللأسف فإن ثقافة الأموات تعلمنا وتربينا عليها ومن الواضح انه لم يعد لدينا الرغبة في تغييرها ، فبالرغم من ما نمر به من أزمات وما نعيشه من واقع أليم لشعوبنا المغلوبة علي أمرها ،فقد عشقنا الصمت كلغة للأموات في عصر لا يعترف إلا بالأحياء ومقارنة بسيطة بين ثقافة الصمت وثقافة الكلام توضح أن الفرق شاسع والاختلاف بيًن بين كليهما لمن كان له قلب .
- "الصمت إعلان للوفاة ، والكلام إشهار للحياة " فالأموات يسلب منهم اللسان فلا يستطيعون الكلام بينا الطفل يولد ليصرخ ويعبر عن قدومه للحياة
- " الكلام مقدم علي الصمت كأدوات للتغيير" " فمن رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطيع فبلسانه فإن لم يستطيع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان " ولما لا فالقول اصدق من الصمت فمن قال "لا" ليس كمن كتم أنفاسه ولذلك السكوت هو مرادف للرضي بينما الكلام قد يحمل معني الرضا وقد يكون دليلا علي الرفض .
- " الكلام بداية العمل والصمت بداية النوم " نعم فالله يقول في كتابه " وقل1 أعملوا2 " القول أولا ثم العمل وأيضا عند النوم اصمت حتى تنام فلا نري نائم يتكلم وإن تكلم فهذا شيء غير طبيعي وغير مألوف ، هكذا موضع الصمت وأيضا موضع الكلام .
- " تكلم حتى أعرفك " فكلامك هو عنوانك ومدي قدرتك علي الكلام توضح مدي ما تتمتع به من صفات وقدرات شخصية ، ولذلك هي دعوه لتعلم ثقافة الكلام والتي تبدأ بنبذ ثقافة الصمت لأننا حقا نحيا في عالم لا يعترف إلا بالأحياء ويرفض أن يعطي لميت حقه ، فهذه دعوه للحياة ولنعلن أننا نرفض الصمت وأننا ننتقل من عالم الأموات إلي عالم الأحياء ونترك المنزل القديم في الحارة القديمة الي منزل جديد يليق بقدراتنا وتاريخنا ودينا الرافض لكل صور الخمول والضعف
فديننا جاء ليعلن عصرا جديدا قائم علي أن الحرية هي أقصي مبادئه " نحن قوم ابتعثنا الله لنحرر العباد من عبادة العباد إلي عبادة رب العباد".
وأخيرا فإن دعوتي ليست دعوه للثرثرة أو للغو ولكنها دعوه من أجل أن نتحرك تجاه مصيرنا الذي يتلاعب به القريب والبعيد ونحن لا نحرك ساكنا ،حان الوقت لكي نعلن الرفض وربما يكون كلامنا اليوم غير مؤثر لكنه في الغد سوف يكون مؤثرا لأننا غداً سوف نجيده .
ولعل مأساتنا المتسبب فيها المدعو الصمت تظهر جليه في مصيبتنا في لغتنا والتي لم يعد الكثير منا حتي يرغب في استخدامها وليس إتقانها
،
وأخيرا
تكلم وسدد ما استطعت فإنما
كلامك حي ٌ والسكوت جماد

ليست هناك تعليقات: