الخميس، 3 مارس 2011

قيمة الحياة



في حياة كل منا رموز ومعاني ربما تتجسد في بناء أو شكل أو شخص وربما تتمثل في فكرة أو اعتقاد ، بحيث تجد هذا الرمز وما يمثله أخذا بك إلي واحات بعيدة عن عالمك وبيئتك وتجد نفسك مقدرا لكل أفعالهم وما يرمزون إليه وفق انتماء يملأ النفس والفكر وتختلف درجة هذا التأثير بقدر هذا الانتماء .
الحياة مليئة بالرموز والمعاني بعدد من فيها ومن عليها ولا عجب أن يجعل الله في خلقة وبين أجزاء ومفردات كونه سنة من أهم وأعظم السنن وهي سنة الاختلاف ، إلا أننا في النهاية نجد المشترك بيننا خاصة إذا كنا نتحدث عن الرموز (كقيمة ) ، فمثلا قد نختلف على معتقد غاندي كعبادته للحيوان إلا أننا لا يمكن أن نختلف على قيمته في دفاعه عن حرية بلاده وشعبه .
الرمز لا يصنع ولا يتصنع والقيم لا توهب ولا تشتري ، هي بناء يساهم في إيجاده الكثير من الأدوات والآليات والفاعلين يبدأ من الإنسان وينتهي عنده فالأب يربي ابنه على قيمة الاحترام ويظل الابن ملتزما بها إن شعر أنها حقا قيمة وهكذا يكون الأمر في دائرة الرمز والعكس أن شعر الابن أن هذه ليست قيمة كأن تكون مثلا فرض ووازع التنفيذ هو الجبن فسنجده يتخلي عنها مع أول اختبار حقيقي .
في الأسبوع الماضي شهد استدعاء للعديد من الرموز سواء منهم من مات أو من هو لازال على قيد الحياة في تونس كان استدعاء الشابي بكلماته التي تغنى بها المتظاهرون رمزا بارزا وسرعان ما نصبت له لوحه الشرف بين هتافات المرددين في ثورة مصر ، في تونس استدعيت حركة النهضة وعلى
رأسها الشيخ الغنوشي ( شيخ طعين السن قضي حياته في المنفي بعيدا عن أهلة وحياته ليس إلا أنه رفض الظلم ولكنه عرف معني الحياة فاشتراها بسنين بمقاييسنا ضاعت ولكنها ستكون أضعافا له بعد ذلك).
مصر الحبيبة بلادنا التي نهبت ليس ثروتها ولكن قيمتها الآن عادت وعادت معها شرائط متعددة من صور وحكايات لرموز ومعاني تجسدت في أفكار أشخاص عظام دفعوا الكثير كي تصبح حياتهم حياة ، كان استدعاء خالد سعيد كرمز لمن رفض الذل ومات في سبيل ذلك فأصبحت لحظه رفضه هي الحياة فما كان قبلها لا يعرفه احد ، في ميدان التحرير استُدعيت صورة العالم العامل ( عبد الوهاب المسيري ) الذي لطالما ذاق جسده إلام عصي الجلادين وهو يرفض الظلم ، جاءت كلمات الشهيد البطل سيد قطب لتعلن عن الحياة بمعناها (إن كلماتنا تبقي ميتة لا حراك فيها أعراسا من الشموع حتى إذا متنا من أجلها انتفضت حية وعاشت بين الأحياء) .
حينما أثير موضوع المعتقلين أثناء الثورة وعلى رأسهم " المهندس وائل غنيم " تذكرت حينها رموزا لطالما سمعنا عنها وعن تضحياتها تذكرت من قضي عمرا في السجن ( خيرت الشاطر15عاما) (حسن مالك ) (يوسف ندي) ..............والقائمة طويلة ، وقد قلت في نفسي ما لهؤلاء ولما كل هذه التضحيات ولمن ؟ ؟؟؟!!!!! ، ولكني عندما تذكرت معلمهم وملهمهم عرفت أنهم فطنوا لمعني الحياة فاختاروا العيش حتى لا يموتوا ।

لقد عرفت وأيقنت أن الثورة لم تكن ثورة يوم ولا شهر ولا عام هي ثورة بدأت من زمن بعيد توالت عليها العديد من الرموز والمفكرين والعلماء والدعاة وأصحاب القلم والفكر والعلم ضحوا كي يوجدوا هذا الجيل الذي حرر الأرض والعرض في اقل من شهر بالرغم من أن هذا الظلم هو ظلم قرون .
حقا انتم تاج الرؤؤس وانتم الرموز وهذه ثورتكم من مات منكم ومن عاش ولكن أجد أن السلوان الوحيد هو أن المكافأة لن يستطيع احد أن يهبها لكم فقدأذن الله أن يعطيها هو لكم (انه هو نعم المكافئ ونعم الحسيب )