الخميس، 14 يناير 2010

المواطنة مفهوم للتفتيت أم للوحدة ؟؟؟؟

المواطنة كمفهوم من المؤكد أنه لم يوجد لها أصل لغوي في الفكر العربي والإسلامي فالمواطنة مفهوم غربي المنشأ وتعني حقوق وواجبات تفرض علي أساس الانتماء للوطن ، وفي الفكر العربي والإسلامي لم يكن لهذا الانتماء معني فالعرب كان الانتماء بالأساس للقبيلة بينما الإسلامي جاء ليلغي هذا الإطار بإذابته في إطار اشمل لا يتعارض مع هذا الإطار أو غيره بحيث أصبح الانتماء يحسب علي أساس الدين وحتى في المفهوم الحضاري للإسلام كشريعة منظمة لم يعتمد الانتماء علي الموطن لان مفهوم الوطن في الفكر الإسلامي متسع فكل بلد فيها مسلم هي ارض إسلام .
ومع ظهور الدولة المدنية بمفاهيمها وأسسها أصبح الانتماء للأرض هو الأساس ، وقد سعي أصحاب المنظور الغربي إلي إيجاد صيغة مناسبة للإعلاء من مفهوم الدولة والنظام السياسي نظرا لما عاناه الغرب من أزمة نتيجة لسيطرة الكنيسة فيما عرف بعصور الظلام ، وبالتالي شكل المفهوم صيغة جيدة لجمع الناس تحت مظلة الدولة وربما هذه الصيغة لاقت إقبالا وقبولا في النظرية والتطبيق لتوافقها مع طبيعة هذه الشعوب التي لم تكن مترابطة ولم تقوم علي أساس وحدوي حتى وإن شهدت ذلك في تاريخ إمبراطوريتها إلا أنها في غالبها كانت وحدة قائمة علي القهر علي عكس الدولة في الإسلام التي تقوم بالأساس علي إطار وحدوي ليس مصطنعا بل هو مذكور في الشرع " واعتصموا بحبل الله " كما أن الصيغة الناجحة للدولة الإسلامية هي صيغة الخلافة القائمة علي الوحدة والتي لازال ينشدها أغلبية المسلمين ، ولقد مثل ذلك تحدي أمام القوة الاستعمارية فسعت إلي تفتيت العالم الإسلامي وتقسيمه إلي دويلات ذات حدود مصطنعة ووضع بذرة ما عرف بالمواطنة التي أصبحت نموذج للفرقة والتقسيم أكثر منها للتقريب والتجميع وإعادة الوحدة .
وبالتالي نجد أن مفهوم المواطنة علي الرغم من كونه مفهوم تجميعي يسعي إلي خلق إطار للوحدة وربط المجموع بالأرض إلا أنه لدينا أصبح مفهوم مفرق ومقسم ومشرذم فالمسيحي يطالب بمواطنه خاص به والمسلم يطالب بمواطنة خاصة به والعامل يسعي لمواطنة توفر له حقوقه والبدوي يريد حقوق مواطنته والصعيدي ينادي بحقوقه والمحلاوي يعتصم من أجل حقوقه .....وهكذا ، وذلك رغم إن المشترك بينهم تقريبا واحد والقضايا التي يريدها كل طرف هي واحده إلا أنهم لم يستطيعوا أن يتجمعوا عليها فلم نجد حتى الآن قضية واحدة اتفقت عليها جموع المصريين كقضية تمثلهم باستثناء "مظاهرة الخبز " في السبعينات .
لقد أدي التأخر والتدني في مستوي الثقافة لدي الشعب إلي تدمير القدرة علي التحرك نظرا لعدم وجود قدرة علي الإدراك وهو ما يظهر علي امتداد العالم الإسلامي فالمسلمين في الصومال يقتتلون كأنهم أعداء ونسو أنهم مشتركين في الإنسانية والفقر ، وكذلك في السودان تسمع عن القتال الدائر وكأنهم جموع مختلفة بالرغم من اشتراكهم في نفس الهموم ( تدني الخدمات والفقر المدقع والاستهداف والتربص الخارجي لثرواتهم ) وهكذا في مصر فلو نظر الناس لقضية مثل انتشار أكوام القمامة في الجيزة علي أنها قضية مشتركة لأنها تتعلق بنا كبشر لتحرك من في أسوان قبل أن يتحرك من يسكن في بولاق وكذلك البابا شنودة لو اعتصم في كنيسته لان هناك المئات يموتون نتيجة مياه الصرف الصحي التي تروي الأرض لكان ذلك اقرب للمفهوم الصحيح للمواطنة ، ولو تحرك شيخ الأزهر ورفض الإسفاف والسفور كشئ مرفوض إنسانيا كما رفض النقاب لكان ذلك معبرة عن الوعي في الإدراك لمفهوم المواطنة لكن هيهات من يعي ومن يفكر .
إن ما يعبر عنه المشهد الحالي في مصر ليس فقط ظلم واستبداد النظام فذلك أصبح سببا هامشيا بالنسبة لغياب الرؤية والوعي الوجودي لدي الناس ، فالمجتمع انتهت صلاحية فعله ككيان موجود راغب في الحياة كأنه أصيب بمرض خبيث ويعلم انه سيموت مما جعله يسبر بلا وعي منتظرا مصيره وهذا سبب رئيسي في غياب هذه الرؤية الصحيحة لبعض المفاهيم كالمواطنة والهوية وغيرها .
حقا صدق ربي " إنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور " .

ليست هناك تعليقات: